تشخيص وعلاج الجنف

الجنف

الجنف هو انحناء غير طبيعي للعمود الفقري، بحيث يبدو العمود الفقري مقوسًا بشكل حرفي "S" أو "C" بدلًا من الظهور بشكل مستقيم. تظهر هذه الحالة عادةً أثناء طفرة النمو التي تسبق سن البلوغ مباشرة، ولكنها قد تصيب الناس في أي عمر.تُقاس شدة الجنف بالدرجات، إذ يعتبر الانحناء الذي يتراوح من 10 إلى 25 درجة بسيطًا، ومن 25 إلى 40 درجة متوسطًا بينما يعدّ الانحناء بواقع 40 درجة أو أكثر شديدًا.غالبًا لا يتطلب الجنف البسيط أي علاج، إلا أن الجنف المتوسط أو الشديد يسببان الألم والتشوّه وغيرها من المضاعفات في حال عدم علاجهما.كيف يتم تشخيص الجنف؟يشخص الجنف عبر الجمع بين الفحص البدني ومراجعة التاريخ المرضي والتصوير الطبي. وتمرّ عملية التشخيص بالمراحل التالية:

  1. التاريخ المرضي والفحص البدني: يبدأ الطبيب بجمع المعلومات المتعلقة بالتاريخ المرضي للمُراجع، بما في ذلك التاريخ العائلي للإصابة بالجنف أو الحالات الأخرى ذات العلاقة. كما يجري الطبيب فحصًا بدنيًا، كملاحظة وضعية وقوف الشخص وتقييم تماثل الكتفين وجانبي الحوض والخصر، وتقييم مدى حركة العمود الفقري.
  2. اختبار الانحناء للأمام (اختبار آدم): قد يطلب الطبيب من المُراجع أثناء الفحص البدني الانحناء للأمام على مستوى الخصر لمشاهدة العمود الفقري من زوايا مختلفة. يساعد هذا الاختبار في الكشف عن أي تباين أو تقوّس غير عادي في العمود الفقري.
  3. التصوير الطبي: إذا أدى الفحص البدني إلى الاشتباه بالجنف، قد يوصي الطبيب بالتصوير الطبي لتأكيد التشخيص ولتقييم مدى شدة الانحناء. ومن أكثر أنواع التصوير شيوعًا لتشخيص الجنف:
  • الأشعة السينية: والتي توفر صورًا مفصّلة للعمود الفقري تتيح للطبيب قياس درجة الانحناء ونمطه.
  • التصوير بالأشعة المقطعية: وهو نوع آخر من التصوير الطبي الذي يوفر صورًا مفصلة للعمود الفقري، ويمكّن الطبيب من معرفة المزيد عن بُنية العمود الفقري، كما إنه مفيد لاستبعاد الحالات والأمراض الأخرى.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي: تستخدم تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي في حالات محددة لتقييم وضع الحبل الشوكي والأعصاب، وبخاصة في حال وجود أسباب كامنة كالأورام أو انحراف الحبل الشوكي.


كيف يعالج الجنف؟

الهدف من علاج الجنف هو منع ازدياد الحالة سوءًا وتحسين نوعية حياة المصاب. ولهذا فإن التشخيص والعلاج المبكرين يسمحان لمعظم الأشخاص بعيش حياة طبيعية حافلة بالنشاط.يعتمد علاج الجنف على مجموعة من العوامل المختلفة، والتي تؤخذ جميعًا بالاعتبار عند اختيار علاج الجنف. ومن تلك العوامل:

  • شدّة الانحناء: تحدد شدة الانحناء الخيار الأفضل للعلاج، سواء كان استخدام الدعامات أو العلاج الطبيعي أو الجراحة.
  • عمر المريض: تعتبر الدعامة أكثر فاعلية لدى الأطفال الذين ما زالوا في طور النمو، بينما لا ينصح بإجراء العمليات الجراحية إلا للبالغين ممن يعانون من الجنف الشديد.
  • تفضيل المريض: يؤخذ رأي المريض وتفضيله بعين الاعتبار عند دراسة الخيار العلاجي الأمثل، فهناك من يفضّل الدعامات بينما يفضل آخرون العلاج الطبيعي أو الجراحة.

أما خيارات العلاج فيمكن أن تتراوح من الملاحظة والمراقبة إلى استخدام الدعامات والتدخل الجراحي. وفيما يلي عدد من المقاربات الشائعة لعلاج الجنف:

  1. الملاحظة: إذا كان الجنف بسيطًا (بانحناء أقل من 25 درجة) وكان المصاب ما يزال في طور النمو، فقد ينصح الطبيب بالمراقبة الدورية عبر الفحوصات وإجراء التصوير بالأشعة السينية لتقييم تقدم الحالة. يتبع هذا الأسلوب غالبًا في الحالات التي لا يتوقع فيها أن يسوء الانحناء بشكل ملموس.
  2. الدعامات: قد ينصح الطبيب باستخدام الدعامات للأطفال والمراهقين في مرحلة النمو ممن يعانون من الجنف المتوسط (بين 25 و 40 درجة)، بحيث يجري تصميم الدعامة بما يناسب المصاب بهدف منع تطور الحالة وزيادة الانحناء. ويعتمد نوع الدعامة ومدة استخدامها على عوامل فردية وعلى توصيات الطبيب المعالج.
  3. العلاج الطبيعي والتمارين: يمكن للعلاج الطبيعي أن يساعد في تحسين قوة العضلات ومرونتها وتحسين وضعية الجسم وشكل الوقفة. وهناك مجموعة من التمارين وحركات التمدد المصممة لاستهداف العضلات المحيطة بالعمود الفقري والتي يمكن ممارستها لتخفيف الألم والحفاظ على توازن وضعية الجسم.
  4. الجراحة: في حالات الجنف الشديد (والتي يزيد فيها التقوس عن 40 درجة) أو في الحالات التي يزداد فيها الانحناء رغم التدخلات الأخرى، فقد يوصي الطبيب بإجراء الجراحة. من أكثر الإجراءات الجراحية شيوعًا لعلاج الجنف جراحة تثبيت الفقرات، والتي تدمج فيها فقرات العمود الفقري معًا باستخدام تقنيات الزراعة أو القضبان أو البراغي وغيرها، ما يساعد في استقامة العمود الفقري ويمنع تقدّم الحالة وزيادة الانحناء. ولا بدّ من الإشارة إلى أن خطة العلاج تصمم بشكل فردي لكل حالة من حالات الجنف، وأن خبراء الرعاية الصحية المختصين بالجنف يتخذون قرارات العلاج بناء على ظروف المصاب. ينصح عادة بالمراجعة الدورية لمراقبة أي تقدّم في الحالة أو تعديل الخطة العلاجية عند الضرورة.


هل يمكن الوقاية من الجنف؟

لا توجد في الوقت الراهن وسائل معروفة لتجنّب حدوث الجنف مجهول السبب، وهو النوع الأكثر شيوعًا من الجنف والذي يظهر عادةً أثناء فترات النمو السريع في مراحل الطفولة أو المراهقة، وما يزال سببه الكامن غير معروف. إلا أن هناك عددًا من التدابير التي يمكن اتخاذها للمساعدة في الكشف المبكر والتعامل السريع مع الجنف لمحاولة التخفيف من أثره ومنع تقدّمه:

  • الفحص الدوري: يمكن للفحص والمراجعة الدورية، وبخاصة في مراحل النمو، المساعدة في الكشف المبكر عن الجنف، ليتمكن خبراء الرعاية الصحية – كأطباء الأطفال مثلًا- من إجراء اختبارات بسيطة لتقييم استقامة العمود الفقري وإحالة المراجعين للتقييم إن لزم الأمر.
  • التوعية بأهمية صحة العمود الفقري: من المهم تثقيف الأفراد وأولياء الأمور ومزودي الرعاية بأعراض وعلامات الجنف، ما من شأنه التشجيع على الكشف المبكر عن الحالة. ويمكن لزيادة الوعي بالمشكلة أن تسهم في التدخل الطبي الفوري وتحسّن فرص نجاح العلاج.
  • الحركات الصحيحة للجسم: التشجيع على الوقوف والجلوس الصحيحين وتعليم الحركات الصحيحة للجسم أثناء الأنشطة المختلفة كالجلوس والوقوف ورفع الأشياء وغيرها يساعد على دعم استقامة العمود الفقري وسلامته. قد لا يسهم ذلك في تجنب الجنف بشكل مباشر إلا أنه يدعم صحة العمود الفقري بشكل عام ويقلل من احتمالات تعرضه لمزيد من الضغط.
  • التدخل المبكر: عند الكشف عن الجنف، يمكن البدء باستراتيجيات فورية لإدارة الحالة، كالمراقبة، واستخدام الدعامات، والعلاج الطبيعي، أو غيرها من التدخلات التي تعتمد على شدة الانحناء ومدى تقدمه.

ورغم عدم إمكانية تجنب الجنف مجهول السبب، فإن الكشف المبكر والإدارة الاستباقية للحالة من شأنهما تحسين مخرجات العلاج بشكل كبير.


 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.